أشرف محمد أنس: أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد بكلية الآداب جامعة المنصورة – مصر – وحاليا معار بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية
ملخص:” درج مصنفو الكتب العربية على التقديم لأعمالهم بمقدمات مختصرة في فقرة أو فقرتين يوضح فيها سبب التأليف أو أقسام الكتاب. والقليل منهم الذي يقدم للموضوع بمدخل نظري في عدة صفحات يوضح فيه الأصول المنهجية والفلسفية للعلم الذي يصنف فيه. ولذلك رأى المؤرخون والنقاد أن ابن خلدون يعتبر حالة استثنائية في ذلك المجال حين قدم لكتابه (العبر) بمقدمة موسعة وموسوعية في فلسفة التاريخ وعلم العمران. بيد أن ابن خلدون لم يكن الأول في هذا المجال، فقد سبقه البارزي. والبارزي مؤرخٌ غير معروف، وكتابه “تاريخ العباد والبلاد” كنزٌ مدفونٌ، فهو واحد من كنوز المكتبة العربية التاريخية التي ما زالت في حالتها المخطوطة. وتكمن أهمية الكشف عن هذا الكتاب في أنه سيضيف اسمًا جديدًا إلى زمرة المؤرخين الكبار لم يكن في نظر الكثيرين إلا قاضيًا وأديبًا. كما أن هذا الكتاب المجهول يمثل مرحلةً مهمةً في تطور منهجية تأليف الكتب التاريخية، وتحديدًا في طريقة التقديم للكتاب بوضع إطار فكري موسع يشرح الأساسيات الواجب على المؤرخ معرفتها واتباعها في الكتابة. وهذا ما سوف نفصله في هذا البحث بعد أن نعرِّف بالمؤلف والكتاب، والذي يجري تحقيقة الأن “.